مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

المنسِّق العامُّ للمبادرة أ/ يسري سلال

في إعراب: سأزورُكَ (غدًا ) (صباحًا )

في إعراب: سأزورُكَ (غدًا ) (صباحًا )
بقلم الأستاذ/ يسري سلال
برعاية موقع نحو دوت كوم
 
منذ يومَين عرض أحد الأخوة في جروب (ألغاز نحويَّة ) للأستاذ/ يسري سلال .. جملةً كهذه الجملة، وطلب إعراب (غدًا ) و (صباحًا )، واندهشتُ بصراحة؛ لأنَّني لم أرَ في الجملة إلغازًا في الجملة يستدعي طرحها للمناقشة.
 
إلا أنَّني فُوجِئتُ أنَّ الكثيرين أعربوا الأولى ظرفًا، والثَّانية بدلا، واندهشتُ غاية الاندهاش؛ لأنَّني لا أرى كلا منهما إلا ظرفًا منفصلا، وما أثار دهشتي أنَّ تلك الإجابة الغريبة صدرت عن الكثيرين، وعلَّقتُ مبديًا دهشتي، ومعلِّقًا بأنَّ الثَّانية أيضًا ظرفٌ ولا شكَّ.
 
ودخل أحد الأخوة الأفاضل فأشار في تعليقه إلى أحد الأخوة ليبدي رأيه، والذي دخل بدوره ليعلن أنَّ الثَّانية ليست ظرفًا وإنَّما هي بدل من الأولى، وأنَّ دليله هو قول (فلان ) من النُّحاة، وأورد فقرةً رأى أنَّها تعزِّز ما يراه من أنَّها بدل.
 
ولا أذكر واللهِ اسم المصدر الذي استشهد به، ولكنَّني قمتُ بالرَّدِّ عليه بأنَّ النَّقل وحده لا يكفي؛ فالعقل يرفض ما ذكره، وبرَّرتُ موقفي بدليلٍ عقليٍّ منطقيٍّ قلت فيه: إنَّ كلا من الظَّرفَين يؤدِّي معنى مستقلا لا يؤدِّيه الآخر، وأنَّ الأوَّل إجابة على سؤال: متى ستزورني؟ بينما الثَّاني إجابة على سؤال: متى ستزورني غدًا؟ فكيف تعرب الثَّانية بدلا من الأولى؟؟!! وسألته: ألا تتَّفق معي في أنَّ كلا منهما يؤدِّي معنى مستقلا عن الآخر؟
 
وقلتُ لنفسي: ما داموا يرون الثَّانية بدلا من الأولى، فهم وبلا شكٍّ يقصدون البدل المطابق، فهل (غدًا ) = صباحًا، لأعتبر الثَّانية بدلا مطابقًا من الأولى؟!! وهل إذا قلت لصديقي: سأزورك غدًا، يكون هذا مساويًا لقولي: سأزورك غدًا صباحًا؟؟ وهل يُعقَل أن أقول لصديقي: سأزورك صباحًا، فيفهم أنَّ ذلك سيكون غدًا؟؟ أو أن أقول له: سأزورك صباحًا، فيدرك أنَّ ذلك سيكون غدًا؟؟ أم أنَّ العبارة، بهذا الشَّكل، تحتمل أن تكون الزِّيارة غدًا، أو بعد غدٍ، أو بعد أسبوعٍ، أو بعد شهرٍ؟!! وأنَّه لكي يصل المعنى المطلوب كاملا لا بدَّ من ذكر الظَّرفَين معًا؟؟
 
وكان ردُّه عليَّ موحيًا ولافتًا؛ حيث رفض الإجابة على السُّؤال، وقال (ما معناه ): لا أؤمن إلا بما ذكره هؤلاء العلماء.
 
وفي الحقيقة فإنَّني أتعجَّب غاية التَّعجُّب ممَّن يعتمدون على (النَّقل )، و (النَّقل ) وحده، ويعتبرون أنَّ اللُّجوء إلى العقل وثنيَّة، وأنَّنا يجب أن نسير على ما قاله السَّابقون شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع!!
 
لا مشكلة عندي بالمرَّة في العودة إلى ما قاله السَّابقون؛ فلهم فضل السَّبق، ولا يجرؤ على إنكار فضلهم أحد، ولكنَّ ما يثير الأسى أن نعتقد أنَّ العلم مات بموتهم، والاجتهاد توقَّف بعدهم، وأنَّه لا يليق إدخال العقل في الموضوع.
 
وليست المشكلة عندي أيضًا في الاختلاف؛ فلهم أن يروه بدلا كما يشاءون، ولكنَّ المحزن أنَّهم لا يكتفون بالاعتماد على النَّقل دون سواه، ولكنَّهم ينقمون من مثلي لمجرَّد أنَّه يفكِّر بطريقةٍ مختلفةٍ، ويعتبرون ذلك تجاوزًا، وخطأ لا يُغتفَر. وفي حين أتقبَّل أنا رأيهم وأردُّ عليهم بالحجَّة وبالعقل، يكون ردُّهم الوحيد: هكذا ورد!!
 
من حقِّك أن تؤمن أنَّ (الحقَّ يُعرَف بالرِّجال )، ولكن بالله عليك، لا تغضب منِّي أو تكرهني لمجرَّد أنَّني (أعرف الرِّجال بالحقِّ )!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top