مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

المنسِّق العامُّ للمبادرة أ/ يسري سلال

الكشف في المعجم – إشكاليَّة كبيرة!!

الكشف في المعجم – إشكاليَّة كبيرة!!
يسري سلال – مبادرة نَحْوَ نَحْوٍ جَدِيدٍ
 
منذ فترةٍ طويلةٍ ناديتُ بأن يكون (الكشف في المعجم ) في المراحل التَّعليميَّة المختلفة عمليًّا، وليس نظريًّا كما هو موجود الآن، وكنتُ أرى أنَّنا – بالإصرار على قصر الدَّرس على النَّاحية النَّظريَّة – نفرِّغ هذا الدَّرس من محتواه، وأنَّ عشرات الأجيال تخرَّجت وهم لا يعرفون عن (الكشف في المعجم ) إلا الإتيان بالأصل الثُّلاثيِّ، في حين أنَّك لو أعطيته معجمًا وطلبت منه البحث عن معنى كلمةٍ ما، فمن المستحيل أن يعثر عليها؛ لأنَّ فكرته عن الموضوع نظريَّة بحتة، وعقيمة تمامًا.
 
واليوم بصراحة أصبحتُ أعتقد أنَّ هذا الدَّرس قد تجاوزه الزَّمان بالكامل!!
 
كم طالبًا على مستوى الجمهوريَّة، بل كم معلِّمًا للُّغة العربيَّة في مصر يملك معجمًا، فضلا عن أن يفتحه ليبحث عن معنى أو مفرد كلمةٍ ما؟؟
 
هذا ليس عصر الكتب المطبوعة، بما فيها المعاجم والقواميس، وأنت بضغطة زرٍّ عبر جوجل أو أيِّ معجم إلكترونيٍّ، تصل إلى ما تريد، بلا حاجةٍ لأن تمتلك معجمًا ورقيًّا عفا عليه الزَّمان، فضلا عن أن تفهم الطَّريقة المعقَّدة للبحث داخله.
 
وأزعم أنَّ الغالبيَّة العظمى من المعلِّمِين، ومن الطَّلبة بالتَّأكيد، تستخدم هذه الطَّريقة في البحث عن معاني الكلمات.
 
طبعًا لا أنكر أنَّ البعض من محبِّي التُّراث يهتمُّون أكثر بالكتب المطبوعة، بما فيها المعاجم، ولكن المهم: ما نسبة هؤلاء من مجموع المعلِّمِين؟
 
وفي الوقت الذي انتفت فيه تمامًا أسباب وجود القواميس الأجنبيَّة؛ لأنَّ جميع الطُّلاب يستخدمون (جوجل ترجمة ) وتطبيقات التَّرجمة الأخرى المشهورة، فإنَّني أؤمن أنَّ معرفة أصل وجذر الكلمة له فائدة كبيرة (نحويًّا وصرفيًّا ) في اللُّغة العربيَّة، خصوصًا في المساعدة على وزن الكلمة أحيانًا. ودومًا كنتُ أقول لطلابي إنَّه لا غنى لدرس (الميزان الصَّرفيّ ) عن درس (الكشف في المعجم )، ولا لدرس (الكشف في المعجم ) عن درس (الميزان الصَّرفيّ )، وأنَّ كلا منهما (يخدِّم ) على الآخر:
– فإذا استعصى عليك وزن كلمة، فاكشف عنها في المعجم، واعرف أصلها الثُّلاثيَّ، تصل إلى الوزن بكلِّ سهولة.
– وإذا استعصى عليك الكشف في المعجم عن كلمةٍ من الكلمات، فزنها؛ تُكشَف لك المسألة.
 
ولكن، ومع ذلك، أعتقد أنَّنا كمَن (رقص على السُّلَّم )؛ فلا نحن نحَّينا الأمر جانبًا، وصببنا اهتمامنا على تزويد الطُّلاب بالمهارات الإلكترونيَّة اللازمة للكشف في المعاجم إلكترونيًّا (وهذا هو المناسب أكثر في هذا الزَّمان )، ولا نحن درَّسنا الأمر كما ينبغي، بشكلٍّ عمليٍّ.
 
وكانت النَّتيجة أنَّنا فرضنا الدَّرس فرضًا على جميع السَّنوات الدِّراسيَّة، بدءًا من الصَّفِّ الثَّاني الإعداديِّ، وحتَّى الصَّفِّ الثَّالث الثَّانويِّ، بما يُشعِر بأهمِّيَّة هذا الدَّرس، ولكنَّنا صمَّمنا أن يتمَّ هذا الأمر بشكلٍ سطحيٍّ.
 
ملاحظة على الهامش ….
سألتني أخت معلِّمة أمس عن أصل كلمة (مجال )، وهل هو (مجل ) أو (جول )؟
 
وفي الحقيقة، فهذه ليست المرَّة الأولى التي يُوَجَّه لي فيها هذا السُّؤال تحديدًا، وهو السُّؤال الذي يدهشني بصراحة:
– فلو صحَّ أن نكشف عن معناها في المعجم في مادَّة (مجل ) [ولا أعتقد أنَّ هناك أصلا ثلاثيًّا في اللُّغة العربيَّة اسمه مجل!! ]، لوجب أن نكشف عن معنى (مسار ) في (مسر )!! وعن (مقال ) في (مقل )!! وعن (مزار ) في (مزر )!!
– (مجال ) كـ (مسار ) و (مقال ) و (مزار )، وكلُّها على وزن (مَفعَل )، وهي جميعًا أسماء زمانٍ أو مكانٍ ثلاثيَّة، والميم فيها زائدة، ولو صحَّ أنَّها – طبقًا لافتراض مجل – على وزن (فعال )، فما معنى (مجل ) بالضَّبط؟!!
 
أمَّا سبب دهشتي، فضلا عن كثرة تردُّد هذا السُّؤال، فهو أنَّني أعرف أشخاصًا أثق في علمهم، يزعمون أنَّ أصلها (مجل )!! فهل أنا أحلم، أم أنَّ هناك مادَّةً ثلاثيَّةً في اللُّغة العربيَّة بالفعل اسمها (مجل )؟؟!! 
تعديل (بعد النَّشر ):
بخصوص مادَّة (مجل ) علَّق أخي Ayman Harhash بالتَّعليق التَّالي:
هناك مجلت يده تشققت وفي الحديث عن وصف اليدين المتشققتين (أمجلتا) ووجدت أيضا المجل جلدة رقيقة إذن هناك الفعل مجل ولكن لا علاقة له بمجال التي هي من جال يجول كما أوضحتم والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top