أفعال وحروف
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأزواجه وأصحابه ومن والاه، ثم أما بعد،
قد يتشابه فعلٌ وحرفٌ في مبناهما، ويختلفان في معناهما، كأن تقول:
علمت أنَّ الطفل أنَّ أنينًا أوجع القلوب.
ف أنَّ الأولى حرف ناسخ، والثانية فعل ماضٍ، اتفقا في المبنى واختلفا في المعنى، ولا شيء في ذلك، أما أن تكون الكلمة قابلة للحرفية وللفعلية في ذات الوقت ويذات المعنى وفي ذات التعبير، ودون أي قرينة تفرق بينها، بل ودون فارق حقيقي لا في المعنى ولا في الدلالة فهئا أمر مثير للعجب، وانظر إن شئت لما يقول النحاة في: عدا وخلا وحاشا، فهم أفعال إن شئت ذلك وما بعدهم مفعول به، وإن شئت فهم حروف جر وما بعدهم اسم مجرور، الخيار متروك لك!
فإن قلت: جاءت الطالبات عدا طالبة، فلك أن تعرب طالبة اسمًا مجرورًا، أو مفعولًا!
والسؤال هنا: ما الفارق الجوهري بين المعنيين، وما الذي أضافه اعتبار الكلمات الثلاثة حرفًا وفعلًا في ذات الوقت، ثم إنهم جعلوا دخول (ما) على عدا وخلا يبطل قابليتهما للحرفية، ويقصرهما على الفعلية، فما الفارق بين قولنا عدا وما عدا، وفي رأيي أن هذا كله لا فائدة منه ولا جدوى، والأفضل في رأيي الاقتصار على كونهم أفعالًا لا أكثر، خاصةً انها لم ترد في القرآن جارة لما بعدها.
جزاكم الله خيرًا