والبط يجري في سرور في المياه الجارية!!
دخل أستاذ اللغة العربية فصل الرابع الابتدائي ، طلب من التلاميذ أن يكتبوا موضوعا عن ” الريف وجمال الطبيعة فيه ” ……….
كتب أغلبهم بين مجيد ومسيء .
استرعى انتباهه أسلوب هذا التلميذ ، واستوقفته عبارة كتبها هي قوله : ” والبط يجري في سرور في المياه الجارية ” وكيف لا وهي بسيطة معبرة أخاذة ؟! .
أحس الأستاذ بموهبة قادمة ، في الأسبوع التالي طلب موضوعا آخر ، وإذا بالتلميذ يكرر قوله : ” والبط يجري في سرور في المياه الجارية ” !!!
طلب موضوعا ثالثا فوجد نفس البط ما زال يجري على صفحات تلميذه !!
…………………………………………………………………………….
احتال المعلم للبط وسروره ، فطلب من التلميذ أن يرسل رسالة إلى صديقه في القاهرة يعزيه في وفاة والده ؛ فهذه الرسالة لا يمكن للبط أن يعكر صفو الأستاذ فيها !!!
كتب التلميذ : ” صديقي العزيز ، لقد فقدنا أبا غاليا عزيزا ، لقد كان …. وكان …. وكان …….
وبهذه المناسبة فأنا أدعوك أن تزورنا في ريفنا المصري الجميل ، أن تتمتع بمشاهد الطبيعة الخلابة ، وأهلنا من الفلاحين البسطاء ، وتستمتع بملامح بيئتنا الأخاذة …. هنا الريف يا صديقي … هنا ترى ما لا يمكن أن تراه ، هنا كل شيء يمنحك البهجة ، هنا حيث البط يجري في سرور في المياه الجارية …”
ما إن وصل الأستاذ إلى تلك الجملة حتى انفجر ضحكا ونادى ابنه الصغير وقبّل جبهته ، وحيّاه وكتب له : يا بني ، أنت حقا فائق ، وتعبيرك شائق ، وأسلوبك رائق ، فاكتب ما شئت .
……………………………………………………………….
اعذرني على غرابة مدخلي أيها المفضال الحليم ؛ فربما كان الطفل الموهوب قد حاصر نفسه بقالب ما قد خشي الأستاذ أن يبقى ابنه أسيرا فيه ، وهو لا شك مُحقّ يا حبيب .
لكن هذاالصغير حين وصل إلى سبك تلك الجملة ، ورأى أثرها فيمن حوله عرف أنها مميزة حقّا ، أما لفتت نظر الجميع إلى موهبته ومنهم أستاذه الرائق الرائف ؟؟؟
أما وقد ضاقت موهبته أن يصوغ غيرها ، أو يسبك مثلها فقد احتال أن يحسن إدارتها في المواقف المختلفة .
تميزك أيها الجليل يقينًا أو تميزني أو تميزغيرنا أشياء عديدة ، صغيرة هي أو كبيرة ، ألا ما كان أجدرنا أن نحسن إدارة مزايانا جميعها !! وما كان أحرانا أن نعمل على تطوير مواهبنا وأداءاتنا كلها !!
………………………………………………………………………………..
ربما كانت رغبتنا في مبادرتنا ” نحو نحوٍ جديد ” تطرح رؤًى خاصة بأصحابها كلٍّ على حدته ، سواء أكانت تلك الرؤى خاصة بموضوعات مناهج النحو في التعليم ( العام غالبا ) ، أم بخطط تناوله وأولوية دراسة درسٍ قبل آخر في عام قبل آخر ، أم بطبيعة طرح الكتب السيارة التي بأيدي تلاميذنا النجباء ، وطلابنا الفضلاء ، ومعلمينا الأجلاء ، أقول ربما كان ذلك كذلك ، لكن الأهم يا صديقي وشريك أمانتي في خدمة لغة أغلب الظن أنها لغة أهل الجنة كما هي لغة بيان الله الأخير للناس القرآن الكريم ، الأهم يا صديقي هو حماسك أنت ، هو رغبتك أنت ، هو طرائقك أنت ، هو احتيالك ( المنضبط ) للإتقان ، هو بحثك الدائم المتصل نحو الكمال ، فإن أدركته فيا فوزك !! ويا فوزنا ! ، وإن فاتك فقد ارتقيت مراقي لم تكن فيها من قبل !! و” الحلو يكمل JJ ” .
نحن بخير ما دام تقديرنا لأماناتنا ، واجتهادنا في حملها ، وتفانينا في خدمة لغتنا ونشئنا وأمتنا، نحن بخير أيها الحبيب ما دمت بخير
J خادم لغة أهل الجنة مصطفى أبوالنجا J
فكرة عظيمة ومجهود مشكور