الثوابت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه وآله وزوجه ومن والاه
ثم أما بعد،
يصر بعض المعلمين على إقرار بعض الثوابت النحوية التي لا أصل لها، ولا دليل عليها، بل إنها بدلًا من أن تساعد المتعلم وتأخذ بيده فإنها تهوي به في هوة سحيقة، فقواعد النحو ليست قواعد رياضة؛ س+ص=ع، النحو فرع المعنى؛ أي أن المتعلم لن يتمكن من الإعراب إلا بفهم المعنى، فإنما جعل الإعراب لإزالة العُجمة، مما لا تصلح له القواعد الصماء التي يروج لها البعض، ومنها:
١- نكرة +نكرة= نعت.
٢- معرفة+معرفة=نعت.
واقرأ إن شئت المثالين التاليين واحكم بنفسك:
أطعمَتْ فتاة بقرة.
ركب الفتى الحمار.
فهل يصح -طبقًا للقاعدة التي أقروها- أن نعرب بقرة نعتًا لفتاة، أو الحمار نعتًا للفتى!
٣- نكرة+معرفة=مضاف إليه.
والعجيب هنا أنهم اقتصروا الإضافة على المعرفة دون غيرها؛ والإضافة منها المعنوية المحضة، واللفظية غير المحضة، وهذا موضوع آخر، أما بخصوص تلك المعادلة فانظر إلى الأمثلة الأربعة التالية:
أ- أعان الله طلاب العلم. (نكرة+معرفة).
ب- كل طالب علم في سبيل الله. (نكرة+نكرة).
ج- بارك الله مصرنا الحبيبة. (معرفة+معرفة).
د- قرأت الثلاثة فصول الأُوَل من الكتاب. (معرفة+نكرة).
فما رأيكم دام فضلكم!
٤- حرف جر+اسم مجرور+مضاف إليه.
لا أعلم من قعّد قاعدة كتلك، ولا كيف انتشرت كالنار في الهشيم، لكن المتعلمين يعدونها قاعدة منزلة مقدسة، ولا أظننا في حاجة لدحضها؛ فهي مدحوضة من تلقائها، لكن اقرأ إن شئت:
في البيت أهله.
٥- اسم إشارة+معرف ب(ال)=بدل
قد تكون هذه القاعدة فيها جانب كبير من الصحة، لكن بعد الأصول:
هذا الطالب المتفوق.
فالطالب هنا خبر، وكذلك تجب مراعاة التقديم والتأخير:
المسلمون ملتزمون، ينكر ذلك الجاحدون.
فالجاحدون هنا فاعل وليست بدلًا.
٦- شبه الجملة (الظرف والمضاف إليه) في محل رفع خبر.
والخطأ هنا يكمن في أن يظن المعلم أن شبه الجملة مسبوكة من اجتماع الظرف والمضاف إليه، وهذا غير صحيح؛ فالظرف وحده شبه جملة، وإلا فماذا نقول في ظرفٍ انقطع عن الإضافة كأن نقول:
الرحلة غدًا.
فيكون إعراب غدًا ظرفًا منصوبًا، وشبه الجملة (المكونة من الظرف وحده) في محل رفع خبر، وكذلك النعت:
خرجنا معًا.
فالبعض يعربها حالًا، وهذا إعراب تنقصه الصحة، ف(غدًا) ظرف منصوب، وشبه الجملة حال.
٧- التوكيد المعنوي لابد له من ضمير.
وقد ورد في امتحان الشهادة الإعدادية من عدة سنوات إعراب كلمة (أجمعين)، وقد وقع فيها الخلاف بين المعلمين، بين من يجزم أنها حال، ومن يقسم أنها توكيد، وكانت النتيجة أن تم إلغاء السؤال وتوزيع درجته، والصواب أن إعرابها توكيد حتى وإن خلت من الضمير، مثلها في ذلك مثل أختيها: جُمَع، جمعاء، واقرأ إن شئت قوله تعالى: فسجد الملائكة كلهم أجمعون.