مبادرتنا: المغزى والهدف – محمَّد محمود
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه وآله وزوجه ومن والاه،
ثم أما بعد
فإن الله لمَّا أنزل القرآن أنزله على سبعة أحرف لما اقتضاه الحال من التخفيف والتيسير، حتى إذا استقر الأمر وثبت الإيمان في القلوب ولم تعد ثمة حاجة مُلحَّة لاختلاف الأحرف طُرحت كلها حتى لم يبقَ إلا حرفٌ واحد، الشاهد من ذلك أن ما لا تقتضي الحاجة بقاءه من الوجوه المختلفة وإن كان صحيحًا فالأولى به أن يُطرح درءًا للمفاسد، خاصةً إن كان إثمه أكبر من نفعه، وعليه فإننا ندعو إلى إعادة النظر في قواعد النحو التي قعّدها العلماء ولم ينزلها الله، ننظر إليها نظرة تجديدٍ وتطوير من حيث الشكل والمضمون، فنطرح مواضع الخلاف والشذوذ دون أن نمس ثوابتها ولا نقرب أصولها، فقط نهذِّب منها ما احتاج إلى التهذيب تيسيرًا وتسهيلًا دون إفراطٍ ولا تفريط، ولنا في نسخ أحرف القرآن مثلًا ونموذجًا نتمثَّله ونحذو حذوه، فغاية النحو الإفهام لا الإبهام، وإنما بعثنا مبشرين لا منفرين، فلنتلمّس سبل التجديد إلحاقًا لدرس النحو بركب العلوم التي تسعى إلى التطور سعيًا حثيثًا دون الإخلال بموروثاتها الأصيلة، سائلين المولى عز وجل أن يهدينا إلى صالح العمل، وحسن الأداء، وحسن القبول وحسن الجزاء، راغبين وجهه تعالى، وهو من وراء القصد، وهو نعم المولى ونعم المصير