مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

المنسِّق العامُّ للمبادرة أ/ يسري سلال

عندما يكون العيب في السُّؤال .. وليس في الإجابة!!

يلجأ بعض الأخوة أحيانًا إلى التَّقعُّر .. فيطرحون أسئلةً غير منطقيَّةٍ .. وهنا أمام المسئول (مَن يُسأَل ) خيارٌ من ثلاثة:
الأوَّل: أن يقول لا أعلم (وهناك مَن يستنكفون قول ذلك )

والثَّاني: أن يعترض على سذاجة وسخف ولا منطقيَّة السُّؤال (وهنا قد يتعرَّض للتَّشكيك والاتِّهام بأنَّه يتهرَّب من الإجابة )

والثَّالث: أن يتقعَّر هو الآخر .. ويدَّعي العلم .. ويلوي عنق الجملة ليصوغ إجابةً ترضي السَّائل

بالنِّسبة لي .. فأنا من الفريق الثَّاني .. فلن يثنيني الخوف أو الحرج من أن أبيِّن عبثيَّة السُّؤال

والأمثلة في هذا المقام أكثر من أن تُحصَى .. ولكنَّني سأضرب مثالا صادفني الآن:
أحد الأخوة .. في إحدى المجموعات .. سأل قائلا: أداعٍ أخوك إلى الخير؟ اجعل اسم الفاعل العامل مضافًا.

وأتصوَّر أنَّ الأخ الفاضل سائل السُّؤال يقصد ردَّ الياء المحذوفة من اسم الفاعل العامل عند إضافته .. ولكنَّ السُّؤال: وهل تصحُّ الإضافة هنا أصلا؟ وإلى أيِّ شيءٍ سيُضَاف اسم الفاعل العامل؟!!

والحقيقة أنَّ المشتقَّ العامل قد يعمل فيما بعده .. فيرفعه أو ينصبه .. بشروطٍ يعلمها الجميع .. وقد (يُضَاف ) إلى معموله .. فيصبح معموله مضافًا إليه مجرورًا.. وهذه أيضًا حقيقةٌ ربَّما يعلمها الجميع .. ولكنَّها لن تصحَّ هنا لسببٍ سأذكره بعد قليلٍ.

ومن الوهلة الأولى أدركت عبثيَّة السُّؤال .. وأنا هنا لا أتَّهم السَّائل .. فلعلَّه لا يعرف ولا يدرك أنَّ سؤاله غير منطقيٍّ .. وقلت لنفسي: فلنطالع الإجابات .. وكانت الإجابة الأولى من الأخ والأستاذ الفاضل المسئول عن الجروب .. والذي أجابه: أداعي الخير أخوك؟ ورغم ما يبدو على الجملة من تكلُّف إلا أنَّها صحيحة لغويًّا .. خصوصًا وقد تطوَّع أخونا فأعربها .. ورغم أنَّ أحد الأخوة تساءل مستنكرًا عن معنى (داعي الخير ) إلا أنَّها جائزة أيضًا .. فأين المشكلة إذن؟!

المشكلة أنَّ الإجابة المعطاة لا تحقِّق الإجابة المطلوبة على السُّؤال .. ولو عاد سيبويه إلى الحياة لما استطاع تنفيذ المطلوب .. فطلب جعل اسم الفاعل مضافًا لا تعني إلا أن يكون مضافًا إلى معموله .. ومع أنَّه يمكن اختراع أيِّ جملة والسَّلام لإرضاء الطَّرف الآخر .. إلا أنَّها ستكون جملةً سمجةً متكلِّفةً وغير صحيحةٍ بالمرَّة.

وما لا يدركه الكثيرون .. وهذا رأيي .. والله أعلم .. أنَّ المشتقَّ العامل لا يُضَاف إلى معموله الفاعل .. وإنَّما يُضَاف إلى معموله المفعول به فقط .. وبشرط عدم وجود فاعلٍ ظاهرٍ .. فيصحُّ أن تقول: الله غافرٌ (بالتَنوين ) الذَنب (بالفتح ) .. وهنا عمل اسم الفاعل فيما بعده فنصبه .. ويصحُّ أن تقول: الله غافرُ (بالضَّمِّ المخفَّف ) الذَّنب (بالكسر ) .. وهنا أُضِيف اسم الفاعل إلى معموله المفعول به .. فهل يصحُّ أن أطلب إضافة اسم الفاعل إلى معموله الفاعل في مثل قولي: أناجحٌ أخوك؟ أو إلى أيٍّ من المعمولَين (الفاعل في وجود المفعول به – المفعول به في وجود الفاعل ) في قولي: أصائمٌ المؤمن شهر رمضان؟

في الجملة الأولى فهذا مستحيل .. وفي الجملة الثَّانية يصحُّ فقط إضافة اسم الفاعل إلى معموله المفعول به في حالة ما إذا عمل اسم الفاعل لاعتماده على المبتدأ (الذي يكون هو في الأصل الفاعل ) في قولي: المؤمن صائمٌ شهرَ رمضان .. فنقول بالتَّخفيف والجرِّ: المؤمن صائمُ شهرِ رمضان .. والسَّبب أنَّ معموله هنا مفعول به .. ولا يوجد فاعل ظاهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top