مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

المنسِّق العامُّ للمبادرة أ/ يسري سلال

ألا يمكن التَّعجُّب أو صياغة اسم التَّفضيل من الأفعال النَّاقصة، والأفعال غير القابلة للتَّفاوُت بأيِّ صورةٍ فعلا؟!!

ألا يمكن التَّعجُّب أو صياغة اسم التَّفضيل من الأفعال النَّاقصة، والأفعال غير القابلة للتَّفاوُت بأيِّ صورةٍ فعلا؟!!
بقلم الأستاذ/ يسري سلال
مبادرة نَحْوَ نَحْوٍ جَدِيدٍ
 
تُقَسَِم الكتب الأفعال التي يُصَاغ منها (أفعل ) التَّعجُّب، و (أفعل ) التَّفضيل، إلى أربعة أقسام:
1 – أفعال يمكن صياغة (أفعل ) منها بطريقةٍ مباشرةٍ:
وهي الأفعال المستوفية للشُّروط، كالفعل (كثر ).
 
2 – أفعال يمكن صياغة (أفعل ) منها، ولكن بطريقةٍ غير مباشرةٍ، عن طريق الإتيان بـ (أفعل ) مساعدة + المصدر الصَّريح، أو المؤوَّل، من الفعل:
وتضمُّ هذه الأفعال:
أ – الفعل غير الثُّلاثيِّ، كـ (اجتهَدَ ):
– ما أعظَمَ اجتهاد (أن يجتهد ) الطَّالب! (تعجُّب ) – المتفوِّق أكثر اجتهادًا من المهمل / المتفوِّق أحقُّ أن يجتهد (تفضيل ).
 
ب – الفعل الذي الوصف منه على وزن (أفعل ) الذي مؤنَّثه على وزن (فعلاء )، كـ (حمر ):
– ما أشدَّ حمرة الوردة (تعجُّب ) – الوردة أشدُّ حمرةً من التُّفَّاح (تفضيل ).
 
3 – أفعال يمكن صياغة (أفعل ) منها، ولكن بطريقةٍ غير مباشرةٍ، عن طريق الإتيان بـ (أفعل ) مساعدة + المصدر المؤوَّل فقط من الفعل:
وتضمُّ هذه الأفعال:
أ – الفعل المنفيُّ، كـ (لا يهمل ):
– ما أحسَنَ ألا تهمل (تعجُّب ) – المجتهد أحقُّ ألا يهمل (تفضيل ).
 
ب – الفعل المبنيُّ للمجهول، كـ (يُصَام ):
– ما أجمَلَ أن يُصَام شهر رمضان (تعجُّب ) – شهر رمضان أجدر أن يُصَام (تفضيل ).
 
4 – أفعال لا يمكن صياغة (أفعل ) منها نهائيًّا، وتشمل:
أ – الأفعال النَّاقصة.
ب – الأفعال الجامدة.
ج – الأفعال غير القابلة للتَّفاوُت.
 
ولي ملاحظتان:
الملاحظة الأولى:
لماذا لا يمكن التَّعجُّب أو صياغة اسم التَّفضيل من الأفعال المبنيَّة للمجهول إلا عن طريق اسم تفضيلٍ مساعدٍ + المصدر المؤوَّل (وليس الصَّريح ) من الفعل؟
 
وللتَّوضيح، لماذا يمكنني أن أتعجَّب مثلا من الفعل (يُصَام )، بقولي: ما أجمل أن يُصَام شهر رمضان، في حين لا يمكنني القول: ما أجمل صيام شهر رمضان، رغم ما يبدو (ظاهريًّا ) من اتِّساق المعنى، وعدم وجود مشكلةٍ في القول الثَّاني؟؟
 
في الحقيقة، فلقد طرحتُ هذا السُّؤال في المسابقة التَّاسعة لجروب (ألغاز نحويَّة ) .. فجاءت إجابة أغلب الأخوة بأنَّ المصدر الصَّريح لا يأتي إلا من الفعل المبنيِّ للمعلوم، وهذه إجابةٌ غريبةٌ؛ فلو صحَّ المجيء بالمصدر المؤوَّل من الفعل المبنيِّ للمجهول، كقولنا: أن يُصَام، لصحَّ مجيء المصدر الصَّريح منه أيضًا، وما المشكلة في قولي: يُصَام شهر رمضان صومًا؟ ألا يُعَدُّ (صومًا ) هو المصدر الصَّريح من (يُصَام )؟!
 
إذن، لا مشكلة في المجيء بالمصدر الصَّريح من الفعل المبنيِّ للمجهول، بما يعني أنَّ منع النُّحاة استخدام المصدر الصَّريح من الفعل المبنيِّ للمجهول، عند التَّعجُّب منه، يعود إلى سببٍ آخر.
 
وكما عوَّدتكم على الصَّراحة، فسوف أصارحكم بحقيقة: لم أعد إلى أيِّ مرجعٍ أو مصدرٍ على الإطلاق في محاولة البحث عن مبرِّر لهذه المسألة، وإنَّما، وكالعادة أيضًا، أعملتُ عقلي، وتفكَّرت في السَّبب المتوقَّع، ولا بدَّ أن يكون هناك سبب، لأكتشف أنَّ نحاتنا الأوائل، وهذا لا يحتاج إلى اكتشاف، وإنَّما هو مُسَلَّمة من المُسَلَّمات، لم يتركوا شيئًا إلا وعالجوه، ولم ينسوا شيئًا على الإطلاق؛ فجزاهم الله عنَّا خيرًا.
 
وسبب المنع هنا أنَّك لو قلتَ: ما أجمَلَ صيام شهر رمضان، فلن يمكننا أن نحدِّد هنا الفعل الذي صِيغ منه (أفعل ) التَّعجُّب (غير المباشر وليس المباشر [أحمل ] )؛ فربَّما الفعل هو (صام ) المبنيُّ للمعلوم، أو (صِيم / يُصَام ) المبنيُّ للمجهول.
 
ولمَّا كان الفعل المبنيُّ للمعلوم المستوفي للشُّروط، كـ (كثر ) مثلا، يمكن التَّعجُّب منه بكلِّ الطُّرق:
أ – التَّعجُّب المباشر(ما أكثَرَ ).
ب – التَّعجُّب غير المباشر (أفعل مساعدة + المصدر الصَّريح ): ما أشدَّ كثرة.
ج – التَّعجُّب غير المباشر (أفعل مساعدة + المصدر المؤوَّل ): ما أروَعَ أن يكثر.
 
أقول إنَّه لمَّا كان الفعل المبنيُّ للمعلوم المستوفي للشُّروط يجوز التَّعجُّب منه بكلِّ الطُّرق، كان من الواجب أن نخصَّ الفعل المبنيَّ للمجهول، غير المستوفي للشُّروط، بخاصِّيَّةٍ تميِّزه، ألا وهي اشتراط أن يتمَّ التَّعجُّب منه باستخدام المصدر المؤوَّل فقط بعد (أفعل ) المساعدة، فإن قال قائل: وكيف سنأمن اللَّبس هنا، والفعل المبنيُّ للمعلوم المستوفي للشُّروط، كـ (صام ) مثلا، يمكن استخدام المصدر المؤوَّل معه أيضًا؟ أقول له: إنَّ المصدر المؤوَّل من (صام ) هو (أن يصوم )، بينما المصدر المؤوَّل من الفعل (يُصَام ) هو (أن يُصَام )، وبذلك يستحيل اللَّبس!!!!
 
هههههههه أقسم بالله العظيم، أضحك من قلبي، وأنا أتأمَّل ذكاء النُّحاء، واحترازهم من كلِّ أشكال اللَّبس. أكملوا البناء فلم يتركوا لنا فرصةً لأيِّ إضافة!!
 
هذه هي الملاحظة الأولى.
 
أمَّا الملاحظة الثَّانية، فهي خاصَّةٌ بما تذكره الكتب المدرسيَّة، والكتب الخارجيَّة على حدٍّ سواء، من أنَّ الفعل النَّاقص، والفعل غير القابل للتَّفاوُت، والفعل الجامد، لا يصحُّ التَّعجُّب منها، أو صياغة اسم التَّفضيل، نهائيًّا، سواءً بطريقةٍ مباشرةٍ، أو حتَّى بطريقةٍ غير مباشرةٍ.
 
في حين أنَّني لا أرى ذلك؛ فلا لا أرى استحالة صياغة كلٍّ من (أفعل ) التَّفضيل، و (أفعل ) التَّعجُّب، إلا من الفعل الجامد فقط، في حين أنَّه يمكن التَّعجُّب، وصياغة اسم التَّفضيل، من الفعل النَّاقص، والفعل غير القابل للتَّفاوُت، فقط بطريقةٍ غير مباشرةٍ:
– فما المشكلة في أن أتعجَّب، أو أصوغ اسم التَّفضيل، من الفعل النَّاقص في جملة (كان الطَّالب مجتهدًا ) بطريقةٍ غير مباشرةٍ، فأقول:
– ما أعظَمَ كون الطَّالب مجتهدًا – ما أعظَمَ أن يكون الطَّالب مجتهدًا (تعجُّب ) / الطَّالب أحقَّ أن يكون مجتهدًا (تفضيل )؟؟
 
– وما العيب في أن أتعجَّب من الفعل غير القابل للتَّفاوُت (مات ) بطريقةٍ غير مباشرةٍ فأقول: ما أعجَبَ موت الغفلة، وأن أصوغ منه اسم تفضيلٍ، بطريقةٍ غير مباشرةٍ أيضًا، فأقول: القاتل أحقُّ أن يموت؟؟
 
لا أعرف هل الخلل عندهم، أم عندي، فأتمنَّى أن تفيدوني برأيكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top