مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

المنسِّق العامُّ للمبادرة أ/ يسري سلال

ربّنا ياخدهم ويريَّح اللُّغة العربيَّة والنَّحو منهم!!

ربّنا ياخدهم ويريَّح اللُّغة العربيَّة والنَّحو منهم!!
بقلم الأستاذ/ يسري سلال
برعاية موقع نحو دوت كوم

سأتكلَّم بالعامِّيَّة ….
ماحدِّش هنا يا جماعة يعرف حدّ من المسئولين عن تأليف كتب النّحو المدرسييّة .. أو المسئولين عن كتاب الأضواء والامتحان وبقيَة الكتب .. عشان يقول لهم بالنِّيابة عنِّي .. عيب تقولوا على جملة (لا تقترب من الماء تغرق ) إنّ (تغرق ) مرفوع لأنَّه لا يدلُّ على شيء محمود!!!!

عار عليكم واللهِ!!

ربّنا ياخدكم ويريَّح اللُّغة العربيَّة والنَّحو منكم!!

مصرِّين على ترويج هذا الوهم .. مصلحتكم إيه بالظَّبط في هذا التَّدليس؟؟ وماذا ستخسرون لو اعترفتم بالخطأ؟؟ وإذا كان ما تروِّجون له صحيحًا .. فلماذا (تغرق ) مجزوم في قولي: (لا تبتعد عن الماء تغرقْ )؟؟ ألا يدلُّ الجواب هنا على نفس الأمر غير المحمود وهو (الغرق )؟؟

لماذا تأبى عقولكم السَّميكة أن تستوعب أنَّه لا علاقة للأمر بكون الجواب يدلُّ على أمرٍ محمودٍ أو غير محمودٍ .. وإنَّما الأمر منوطٌ وفقط بترتُّب الجواب على الطَّلب .. فإن ترتَّب الجواب على الطَّلب (وعلامته أن يصحَّ تقدير أداة شرطٍ في بداية الجملة ) فالجواب عندئذٍ (واجب ) الجزم .. حتَى وإن دلَّ على أمرٍ غير محمودٍ .. وإذا لم يترتَّب الجواب على الطَّلب (ولن يصحَّ عندها تقدير أداة شرطٍ في بداية الجملة ) فالجزم حينئذٍ يمتنع .. حتَّى وإن دلَّ على أمرٍ محمودٍ.

صعبة دي؟؟!!

وفي الجملة الأولى .. لمَّا كان من غير الجائز تقدير أداة شرطٍ في بداية الجملة .. حيث لا يجوز: (إن لا تقترب من الماء تغرق ) إذ كيف لا يقترب الإنسان من الماء .. ومع ذلك يغرق؟!! فهنا امتنع الجزم.

أمَّا في الجملة الثَّانية .. فإنَّه يصحُّ تقدير أداة الشَّرط: (إن لا تبتعد عن الماء تغرق ) ولذا جُزِم المضارع .. رغم دلالته على أمرٍ غير محمودٍ.

عشرات الأجيال تخرَّجت وهي تؤمن بهذه الخرافة .. ومَن أصبح معلِّمًا لم يقصِّر .. فورَّث طلابه ما تعلَّمه سابقًا .. سلسلة طويلة من السَّخافة لا تنتهي إلا لتبدأ!!

وأغلب الظَّنِّ أنَّ من اخترع هذا الهراء هو شخصٌ وضع كلَّ جملةٍ من الجملتَين التَّاليتَين في مواجهة الأخرى: (لا تقترب من الماء تغرقُ – لا تقترب من الماء تنجُ من الغرق ) وتفكَّر صاحبنا طويلا وقال لنفسه: لماذا – يا تُرى – رُفِع (تغرق ) وجُزِم (تنجُ ) رغم وقوعهما ظاهريًّا جوابًا لنفس الطَّلب؟؟ وأسلمه عقله إلى أنَّ الاختلاف الوحيد بين الجملتَين .. والذي ربَّما يفكُّ هذا الاشتباك ويفسِّر هذا التَّناقض .. أنَّ الغرق أمرٌ غير محمودٍ .. بينما (النَّجاة من الغرق ) أمرٌ محمودٌ .. ثمَّ صاغ هذه النَّتيجة البائسة على هيئة قاعدةٍ .. وسيَّرها بين الأنام .. ليتوارثها المعلِّمون والسَّادة مؤلِّفو الكتب طوال عقود .. هكذا .. بلا تفكُّرٍ أو تدبُّرٍ!! فلا أدري هل ألوم هذا الجهبذ الذي ارتكب هذه الحماقة .. أم ألوم مَن اتَّبعوه ونقلوا عنه بدون ذرَّة عقلٍ!!

وفي الآخر ينقمون منِّي .. ويتطاولون عليَّ لمجرَّد أنَّني أُعمِل عقلي .. ولا أعرف الحقَّ بالرِّجال .. وكلَّما تجرَّأت بفتح باب المناقشة في قاعدةٍ مستقرَةٍ لدى الجميع تتعارض كلِّيًّا مع العقل والمنطق والحقيقة .. تهجَّموا عليَّ .. وادَّعوا أنَّني أخرج عن إجماع النُّحاة .. وأخالف كلامهم المقدَّس .. وأعارض ما يتوهَّمون أنَّه (معلومٌ من اللُّغة بالضَّرورة )!!

سحقًا لكم ولطريقة تفكيركم!!

اسمعوا هذا ….
1 – واللهِ الذي لا إله إلا هو .. رغم أنوفكم .. وأنوف أيِّ أحدٍ .. أيًّا كان .. إنَّ جزم المضارع في جواب الطَّلب لا له أيُّ علاقة من قريبٍ أو بعيدٍ بكون الجواب دالا على أمرٍ محمودٍ أو مذموم .. ولكنَّ شرطه الأهمَّ هو ترتُّب الجواب على الطَّلب.

2 – واللهِ الذي رفع السَّماء بلا عَمَدٍ .. إنَّ (جواز ) جزم المضارع في جواب الطَّلب .. لا يعني نهائيًّا جواز الجزم والرَّفع .. وأنَّ معناه أنَّه لا يحدث إلا بشروطٍ .. فإن توفَّرت الشُّروط فالجزم واااااااااااااجب!!

3 – أقسم بالله العظيم .. والله على ما أقول شهيد .. إنَّ بدل التَّفصيل بدل مطابق .. ولو قال بغير ذلك أعظم النُّحاة .. فإنَّني أضع كلامه دبر أذني وخلف ظهري.

4 – أشهد الله أنَّ ما أجمع عليه النُّحاة من عدم جواز التَعجُّب أو صياغة التَّفضيل من الفعل النَّاقص وغير القابل للتَّفاوت نهائيًّا .. لا بطريقةٍ مباشرةٍ ولا بطريقةٍ غير مباشرةٍ .. في أحسن الأحوال غير دقيقٍ .. ولا أريد أن أقول غير صحيح .. فأنت تصوغ اسم التَّفضيل من (مات ) بطريقةٍ غير مباشرةٍ .. فتقول متحدِّثًا عن موت الفلسطينيِّين بيدي نتنياهو مثلا: (نتنياهو أحقُّ أن يموت ) [أفعل التَّفضيل المساعدة + المصدر المؤوَّل من الفعل ] وتتعجَّب – بنفس الطَّريقة – من نفس الفعل فتقول: (ما أعجب موت الغفلة – ما أجدر أن يموت القاتل ).

وبالنِّسبة للفعل النَّاقص .. فيمكنك أن تصوغ اسم التَّفضيل منه – بطريقةٍ غير مباشرةٍ أيضًا – فتقول: (الطَّالب المجتهد أحقُّ أن يكون الأوَّل على دفعته – الطَّالب المجتهد أحقُّ أن يصبح الأوَّل على دفعته ) وأن تتعجَّب منه بنفس الطَّريقة: (ما أروع أن يكون الطَّالب مجتهدًا – ما أروع أن يصبح الطَّالب مجتهدًا )!!

هذه شهادتي أشهدها لله .. ولا يعنيني أن تعجبك عزيزي القارئ .. أو ألا تعجبك .. لأنَّها الحقيقة في جميع الأحوال .. ولن أغيِّر قناعاتي .. وما آمنت به طوال حياتي .. خصوصًا وأنا أستدبر الدُّنيا وأستقبل الآخرة .. فقط لترضى عنِّي .. ولا مشكلة عندي – كما أكَّدتُ مرارًا – أن تختلف معي .. وأن تردَّ كلامي .. سواءً بالدَّليل .. أو حتَّى لمجرَّد أنَّه يتعارض مع قول فلان الذي تراه أنت قدسًا من الأقداس .. فلك أن تؤمن يا عزيزي بما شئت .. وربّنا يهنِّي كلَّ واحد بعقله .. ولكنَّك إذا نقمت منِّي .. أو تطاولت عليَّ .. لمجرَّد أنَّني أصرِّح بما أؤمن به .. بلا وصاية .. فسوف أحظرك بلا تردُّد.

شويِّة ملاحظات:
أوَّلا: لستُ علامة عصري .. ورأيي .. وإن كنتُ مؤمنًا به .. صوابٌ يحتمل الخطأ .. ورأيك .. وإن اختلفتُ معه .. خطأ – في نظري – يحتمل الصَّواب .. وأنا مستعدٌّ أن أتناقش معك .. فقط إذا كنت مستعدًّا أن تقنعني بالعقل .. أمَّا إذا كانت حجَّتك الوحيدة أنَّ فلانًا قال كذا .. فأنا أحترمك على كلِّ حالٍ .. ولكنَّني لن أكون طرفًا في نقاشٍ عقيمٍ من هذا النَّوع.

ثانيًا: أن تكون مؤمنًا بالنَّقل .. وبالنَّقل وحده .. وبالنَّقل فقط .. وبالنَّقل دون سواه .. فهذا لا يقلِّل من شأنك عندي أبدًا .. ولك أن تؤمن بما شئت .. وأنت على رأسي .. فقط إن كان لديك متَّسع لتسمع الرَّأي الآخر وتناقشه .. بالعقل والحجَّة.

ثالثًا: أعرف أخوةً من أعزِّ الأخوة .. لا يؤمنون سوى بالنَّقل .. ويتضايقون منِّي لأنَّني أخالفهم .. وأردُّ كلَّ ما يتعارض مع عقلي .. بغضِّ النَّظر عمَّن قال به .. وهم منِّي بمنزلة الأخوة .. وليسوا مقصودين من المقال بأيِّ حالٍ من الأحوال .. ولولا أنَّني لا أريد أن يبدو الأمر شخصيًّا .. لحدَّدتهم الآن بالاسم .. حتَّى لا يظنُّوا أنَّني أعنيهم .. ويكفيني أنَّهم يعرفون مكانتهم عندي.

رابعًا: إذا أردت أن تعرف الدَّليل على كلِّ ما ذكرته في مقالي .. فيمكنك أن تعود لمقالاتي السَّابقة عن هذه القضايا .. ففيها من الأدلَّة الكثير .. سواءً على حسابي هنا .. أو على مدوَّنتي الشَّخصيَّة بموقع نحو دوت كوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top