مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

لِلنَّاشِئَةِ (بَدْءًا مِنْ سِنِّ 10 سَنَوَاتٍ )

هذه العبارات فيها سُمٌّ قاتلٌ!!

خلال الأيَّام الماضية طرحنا جملة: أبناءنا طلَّاب المدارس، اجتهِدوا. وتعدَّدت الإجابات وتنوَّعت، وكان بعضها صائبًا، وبعضها قريبًا من الصَّواب، وبعضها أبعد ما يكون عن ذلك.

لا أريد تكرار الجدل الذي دار؛ فالمهمُّ أنَّني لاحظتُ ورود بعض العبارات من قبيل التَّبرير، على ألسنة بعض الأخوة، ووجدتُ أنَّ هذه العبارات تتضمَّن أخطاء مؤسفة، وأنَّها كالسُّمِّ القاتل؛ فرأيتُ أن أحذِّركم منها.

العبارة الأولى: تكون الجملة أسلوب اختصاص ما دمنا نستطيع أن نقدِّر الفعل (أخصُّ )، أو (أعني )، أو (أقصد )، قبل الاسم المختصِّ.

والواقع أنَّ كلَّ أسلوب اختصاصٍ يكون بتقدير (أخصُّ )، أو (أعني )، أو (أقصد ) قبله، لكنَّ ليس كلّ جملةٍ (أتوهَّم ) إمكانيَّة تقدير الفعل (أخصُّ ) فيها، هي بالضَّرورة أسلوب اختصاصٍ.

وإلا فإنَّه يجوز لك أن تقول: الطُّلَّاب المجتهدِين محبوبون، فقط لأنَّك (توهَّمتَ ) أنَّ ذلك بتقدير: الطُّلَّاب – أقصد المجتهدِين – محبوبون!! مع أنَّ الاختصاص هنا مستحيل، والصَّواب: الطُّلَّاب المجتهدون محبوبون؛ إذ يُشترَط أن يُسبَق الاسم المختصُّ بضميرٍ (يعود عليه ).

العبارة الثَّانية: ما دام الاسم المختصُّ سُبِق بضميرٍ، وأمكَنَ تقدير الفعل (أخصُّ ) قبله؛ فالأسلوب أسلوب اختصاصٍ.

والحقيقة، وفي نفس الجملة موضع الجدال، فإنَّه، ورغم سبق (طلَّاب ) بضميرٍ، وإمكانيَّة تقدير فعل الاختصاص قبله(بتوهُّم: أبناءنا – أقصد طلَّاب المدرسة – اجتهِدوا )، فإنَّ الأسلوب في الجملة لا يمكن أن يكون أسلوب اختصاصٍ؛ إذ يُشترَط – إضافةً إلى ما سبق من شروطٍ – أن يعود الضَّمير على نفس الاسم المختصِّ.

ولمَّا كان (نا ) للمتكلِّم، و (الطُّلَّاب ) مخاطب؛ فإنَّه من البدهيِّ أنَّ (نا ) لا يمكن أن تعود على (طلَّاب )، وبذلك فقد انتفى الاختصاص.

العبارة الثَّالثة: في جملة (أبناءنا طلَّاب المدارس، اجتهِدوا )، ما دام (أبناءنا ) هي نفسها (الطُّلَّاب )، فإنَّ (طلَّاب ) بدل.

وفي الحقيقة فإنَّ ذلك مجرَّد قصر نظر في التَّعامُل مع البدل.

صحيح أنَّ المبدل منه والبدل في البدل المطابق يشيران إلى شيءٍ واحد، لكنَّ ذلك لا يعني أنَّ كلَّ كلمتَين يشيران إلى نفس الشَّيء، تكون الثَّانية بدلا.

وإلا فإنَّ (المجتهدِين ) بدل، في قولنا: أحترم التَّلاميذ المجتهدِين!! حيث – وبنفس القياس – (التَّلاميذ ) هم (المجتهدِين )، و (المجتهدِين ) هي نفسها (التَّلاميذ )!! فهل (المجتهدِين ) بدل أم نعت؟!! وهل يصحُّ عدُّها بدلا؟!!

أمَّا عن السُّؤال الأوَّل (هل هي نعتٌ أم بدل )، فالإجابة قولا واحدًا: نعت، وأمَّا عن السُّؤال الثَّاني (هل يصحُّ عدُّها بدلا )، فإجابتي أنَّه يمكن عدُّها بدلا، ولكن بشرطٍ واحدٍ:

أن تقول: أحترم التَّلاميذ، المجتهدِين منهم (بالضَّمير العائد + الفصلة )!!

العبارة الرَّابعة: (دارسي ) في جملة (أحترم الطُّلَّاب دارسي العلم ) تُعرَب بدلا؛ قياسًا على إعراب (طلَّاب ) بدلا في جملة (أحترم الطُّلَّاب طلَّاب العلم ).

وردِّي أنَّه شتَّان بين هذه وتلك:
فـ (طلَّاب ) في الثَّانية بدل فعلا، بينما (دارسي ) في الأولى نعت، والتَّعليل أنَّ (طلَّاب ) في الثَّانية من نفس لفظ (الطُّلَّاب )؛ ممَّا يعني أنَّ (الطُّلَّاب ) هم أنفسهم (طلَّاب العلم ).

أمَّا في الأولى، فإنَّه لا يمكن عدُّ (دارسي العلم ) هي نفسها (الطُّلَّاب )، وإنَّما دراسة العلم (صفة ) من صفات هؤلاء الطُّلَّاب.

ملاحظةٌ هامشيَّةٌ:
يجوز في الكلمتَين النَّصب على الحال أيضًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top