مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

لِلنَّاشِئَةِ (بَدْءًا مِنْ سِنِّ 10 سَنَوَاتٍ )

من أصول صياغة الأسئلة والألغاز النَّحويَّة (1 من 4 )

(1 ) من الألغاز ما لا يمكن عرضه إلا مكتوبًا، ومنها ما لا يمكن عرضه إلا منطوقًا:
أ – ألغاز تُعرَض مكتوبةً، ولا يمكن عرضها منطوقةً:
قد يؤدِّي إلقاء اللُّغز منطوقًا إلى كشف اللُّغز، والقضاء على موضع الإلغاز فيه، وتفريغه من محتواه، ومن الأمثلة على ذلك:
– أخلصنَّ العمل. أعرِب الفعل.
الإلغاز في السُّؤال يتركَّز في أنَّ الفعل بوزنه ذلك يحتمل أن يكون ماضيًا، أو مضارعًا، أو أمرًا.

ولا سبيل لإجابة هذا السُّؤال إلا بإدراك أحكام توكيد الفعل، والتي ستنبئنا بأنَّ خيار الماضي مستبعد (لأنَّ الفعل الماضي ممتنع التَّوكيد بالنُّون )، وخيار المضارع مستبعد (إذ لا مسوِّغ لتوكيد الفعل هنا، لا وجوبًا، ولا جوازًا )، ومن ثَمَّ لا يتبقَّى إلا خيار الأمر (إذ فعل الأمر جائز التَّوكيد بالنُّون دائمًا ).

المهمُّ هنا، أنَّك لو ألقيتَ اللُّغز منطوقًا فستكشف نوع الفعل من خلال نطقك له، ولصار اللُّغز لا وزن له، أمَّا الحيرة بين الماضي والمضارع والأمر، فإنَّها لن تتحقَّق إلا بعرضه مكتوبًا فقط.

ب – ألغاز تُعرَض منطوقةً، ولا يمكن عرضها مكتوبةً:
هنا يحدث العكس: لو كتبت اللُّغز لفسد اللُّغز وصار غير ذي قيمةٍ، فمثلا:
في اللُّغز المشهور (أكلتُ دجاجتان )، ورغم تحفُّظي الشَّديد على هذا اللًّغز، ونقدي له بضراوةٍ في إحدى مقالاتي، فإنَّ الإلغاز في العبارة لا يمكن أن يتحقَّق إلا بإلقائه منطوقًا؛ حيث يفترض مَن اخترع هذه الجملة، أنَّ المتلقِّي سيتخبَّط بين وجوب نصب (دجاجتان ) بالياء، وظاهر رفعها في العبارة، وهذا قد يحدث بسماع الجملة فقط.

أمَّا عرض السُّؤال مكتوبًا، فإنَّه يجرِّد العبارة من أيِّ مفارقة، ويجعلها مجرَّد نكتةٍ سخيفة؛ إذ أنت هنا مخيَّرٌ بين أمرَين:
الأوَّل: أن تكتبها هكذا (دجاج تان )؛ فيتَّضح عندئذٍ الأمر، وأنَّ هذه الكلمة مكوَّنة من كلمة (دجاج ) المضافة إلى شخصٍ اسمه (تان ) [هكذا افتكسها واضعها!! ].

والثَّاني: أن تكتبها بوصل (دجاج ) في (تان )؛ فقط لتخلق هذه المفارقة المزعومة، وهنا يتحوَّل الأمر من الإلغاز إلى السَّخافة والتَّلفيق!!
وهكذا، ولتفادي كلِّ ذلك، يصبح الخيار الوحيد هو نطق العبارة نطقًا.
(2 ) إذا كانت الجملة مقطوعةً عن أيِّ سياق؛ فلا تجعل الفاعل ضميرًا مستترًا يعود على غائبٍ غير معروفٍ:
عندما تقول لشخصٍ: واللهِ لتنجحنَّ في دراستك، فإنَّ هذه الجملة واضحة تمامًا، ويمكن أن تكون مسرحًا للسُّؤال؛ إذ المستمع لن يسألك: ومَن الذي سينجح؟! فرغم أنَّ الفاعل ضميرٌ مستتر، إلا أنَّه يعود على المخاطب نفسه.

وعندما تقول: واللهِ لأنجحنَّ في دراستي، فالمستمع ليس في حاجةٍ لأن يسألك عن الفاعل أيضًا؛ لأنَّه من الواضح أنَّ الفاعل هو المتكلِّم نفسه.

المشكلة تحدث عندما يكون الفاعل ضميرًا مستترًا يعود على غائبٍ، فهنا تكون الجملة غير تامَّةٍ، ولا تصلح موضعًا للسُّؤال؛ إذ رغم كونها مبنيَّةً للمعلوم، فإنَّ فاعلها مجهول!!

فلا يجوز أن أسأل ممتحنًا عن حكم توكيد الفعل في جملة: واللهِ لينجحنَّ في دراسته؛ فمَن هو هذا الذي سينجح في دراسته؟! وما الذي يمنع واضع السُّؤال من إظهار الفاعل لتكون الجملة تامَّةً وواضحةً؟!!

– وكما ذكرتُ قريبًا، فإنَّ السُّؤال الوارد في نموذج الوزارة للصَّفِّ الأوَّل الثَّانويِّ، وهو:
أمعطى درجة؟
والمطالبة بإعراب |(درجة )، هو سؤال سمج وسخيف؛ فمَن هذا الذي أُعطِي درجة؟!! وعلام يعود نائب الفاعل المستتر؟!!

علمًا بأنَّ الإلغاز كان سيتحقَّق في الجملة أيضًا لو قال واضع السُّؤال: الطَّالب معطى درجة؛ فتصبح الجملة واضحةً تمامًا، والمفارقة ما زالت موجودةً في الالتباس لدى الطَّالب ما بين إعراب (درجة ) نائب فاعلٍ (كما اعتاد )، ومفعولا به (كما هو مطلوب ).

1 فكرة عن “من أصول صياغة الأسئلة والألغاز النَّحويَّة (1 من 4 )”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top