مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

المنسِّق العامُّ للمبادرة أ/ يسري سلال

البنطلون لأ .. البنطلون آه!! أقوى تصريحات كوميديَّة لوزير التَّربية والتَّعليم المصريِّ في 2019!!

البنطلون لأ .. البنطلون آه!!
أقوى تصريحات كوميديَّة لوزير التَّربية والتَّعليم المصريِّ في 2019!!
بقلم الأستاذ/ يسري سلال
برعاية موقع نحو دوت كوم – ومبادرة نَحْوَ نَحْوٍ جَدِيدٍ
في أحد أفلام أحمد حلمي، ينتظره كلَّ ليلة مجموعة من اللُّصوص والبلطجيَّة في طريق عودته إلى منزله، فيجرِّدونه من ملابسه، مستغلِّين شخصيَّته الضَّعيفة المهزوزة، ومع استجابته غير المشروطة لطلباتهم كلَّ ليلة، يغريهم ذلك بالتَّمادي أكثر وأكثر؛ فيطلب منه زعيم هؤلاء البلطجيَّة في إحدى المرَّات أن يخلع بنطلونه، وتأخذه الحميَّة فيصرخ فيه: البنطلون لأ، ولكنَّه، بعد أوَّل صفعة تنزل على وجهه، يقول في خنوعٍ واستكانة: البنطلون آه!!
 
هكذا، وبالضَّبط، فعلت وزارة التَّربية والتَّعليم، في تعاملها مع قضيَّة تسريب امتحانات الصَّفِّ الأوَّل الثَّانويِّ!!
 
قبل الامتحانات: كانت هذه هي تصريحات معالي الوزير، ومسئولي وزارته:
– النِّظام الجديد ضربة موجعة لمافيا تسريب الامتحانات
– وداعًا لتسريب الامتحانات في مصر
– النِّظام الجديد يتحدَّى شاومينج وأباطرة التَّسريب
 
وبعد (صفعة ) تسرُّب الامتحانات مرَّةً بعد مرَّةٍ، كانت هذه هي تصريحات وزيرنا الهمام:
– أنا مطنِّش التَّسريبات بمزاجي!!
– رسالتي لأبنائي الطُّلاب: اللي بيغشّ بيغشّ نفسه!!
– ورسالتي إلى مَن يسرِّب الامتحانات: موتوا بغيظكم .. الامتحانات مش بتُضَاف للمجموع .. أنت عبيط يا ابني؟!!
 
في التَّصريح العبثيِّ الأوَّل، يبرِّر سيادته تلك المهزلة بأنّه (ساكت عنها بمزاجه )، وهو التَّبرير الذي لا يقنع طفلا صغيرًا؛ فلو أمكَنَ لسيادته تعليق المسرِّبِين على أعواد المشنق، لما تردَّد لحظة!!
 
وفي التَّصريح الثَّاني، يستعطف سيادته الطَّلاب، ويقول لهم: سامحوني يا أبنائي؛ فنحن، حكومة مصر، بجلالة قدرها، عاجزون بشكلٍ فاضحٍ عن مواجهة هذه الجريمة، أو منعها، أو محاسبة المسئولِين عنها، وننتظر منكم أنتم – عِوضًا عنَّا – أن تقوموا بهذه المهمَّة، وذلك بعدم الالتفات إلى الإجابات المسرَّبة، وغضّ البصر عنها. ثمَّ يستدرُّ عطف هؤلاء الطُّلاب بقوله: اللي بيغشّ بيغشّ نفسه!!
 
وهنا يتناسى سيادته أنَّه لا يكلِّم طالبًا يأخذ معه (برشامة ) ليغشَّ منها، لكي ينصحه قائلا: اللي بيغشّ بيغشّ نفسه، وإنَّما نحن بصدد ظاهرة (دليفري الغشّ )، أو (توصيل الغشِّ إلى المنازل )، وأنَّه حتَّى الطَّالب الواعي الذي يرفض الغشّ، ومهما غضَّ بصره، فإنَّه (هيتكعبل في الإجابات ) أينما ولَّى وجهه!! لذلك فإنَّ نصيحته الذَّهبيَّة (اللي بيغشّ بيغشّ نفسه ) هي مجرَّد نكتة سخيفة لا تُضحِك أحدًا!!
 
أمَّا التَّصريح الثَّالث فهو أكثر هذه التَّصريحات الكوميديَّة سخافة وعبثًا؛ فهو بدلا من أن يعترف بفشله، وعجزه، يخرج لسانه للمسرِّبِين (أو هكذا يظنُّ )، ويوهمنا بأنَّه وجَّه هو إليهم ضربة قاضية؛ لأنَّ الامتحان هذا العام تجريبيٌّ، وأنَّ الدرجات لن تُضَاف إلى المجموع!! فإذا كنت تعلم، يا أيُّها العبقريُّ، بأنَّ الامتحانات تجريبيَّة، وأنَّ الدَّرجات لن تُضَاف إلى المجموع؛ فلمَ تعهَّدتَ قبل الامتحان بأنَّه لن يحدث تسريب، وأنَّ عصر الغشِّ قد انتهى؟!! ثمَّ، وهذا هو الأهمُّ، هل القضيَّة – يا نابغة زمانك – أنَّ الدَّرجات تُضَاف أو لا تُضَاف إلى المجموع، أم أنَّ الأمر مسألة مبدأ؟!! وهل نفهم من كلامك أنَّ الغشَّ تمَّ تمريره هذا العام فقط لأنَّ الامتحان تجريبيُّ، بينما سيتمُّ منعه والتَّحكُّم فيه وتجفيف منابعه في العامَين القادمَين عندما تُضَاف الدَّرجات إلى المجموع؟؟
 
الحقيقة أنَّ سيادته، ووزارته، وحكومته، عجزت، هذا العام، عن مواجهة هذه الظَّاهرة، تمامًا كما عجزت في السَّنوات السَّابقة، وتمامًا كما ستعجز وتفشل في العام القادم، وفي جميع الأعوام القادمة، وأنَّه لا هذه التَّصريحات الكوميديَّة البائسة، ولا غيرها، سيغطِّي هذه الحقيقة.
 
العيب ليس في المسرِّبِين، الذين جعلونا أضحوكة في مجال التَّعليم (كما نحن أضحوكة في كلِّ مجالٍ آخر )، كما أنَّ العيب ليس في الطلاب الذين يطَّلعون على هذه الإجابات (لأنَّهم بشر أوَّلا وأخيرًا، وليسوا ملائكة )، وإنَّما العيب في وزارة تقدِّم نفسها على أنَّها صانعة النَّهضة التَّعليميَّة في العصر الحديث، بينما هي عاجزة عن مجرَد حماية الامتحانات من التَّسريب!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top