مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

المنسِّق العامُّ للمبادرة أ/ يسري سلال

المعرَّف بالإضافة – نظرة نقديَّة

المعرَّف بالإضافة – نظرة نقديَّة
يسري سلال – مبادرة نَحْوَ نَحْوٍ جَدِيدٍ

إذا قلتَ: جاء محمَّدٌ وحده، فإنَّ الجميع يعربون (وحده ) حالا، ولمَن يتعجَّب من إعرابها حالا، رغم إضافتها إلى الضَّمير، وكونها – تبعًا لذلك – معرَّفةً بالإضافة، اعتدنا أن نلجأ إلى الحيلة المعتادة للخروج من مثل هذا المأزق، وهي (التَّأويل )؛ فنقول: هي حال بتأويل: جاء محمَّد وحيدًا.

وفي الحقيقة فإنَّني لا أرى داعيًا لهذا التَّأويل من الأساس، وأنَّه لا ضرورة نهائيًّا لهذا التَّكلُّف؛ لأنَّ كلمة (وحده ) أصلا ليست معرَّفةً، وإن أُضِيفت إلى الضَّمير؛ فأين التَّعريف الذي أفادته تلك اللفظة هنا عندما أُضِيفت إلى هاء الغيبة؟! وهل التَّعريف في الجملة يؤدِّي نفس الوظيفة التي يؤدِّيها تعريف كلمة (صديق ) مثلا بإضافتها إلى الضَّمير، في مثل قولك: صديق – صديقي؟؟

إذا قلتَ أعطيتَ صديقًا كتابًا، فإنَّ كلمة (صديقًا ) لم تدلّ بالطَّبع على شيءٍ محدَّد؛ ولذا اعتبرناها نكرة. أمَّا إذا قلتَ: أعطيتُ صديقي كتابًا، فإنَّها صارت معرَّفةً بإضافتها إلى الضَّمير هنا.

أمَّا في كلمة (وحده ) فلا أراها تفيد أيَّ تعريفٍ هنا، وبذلك يلحُّ السُّؤال: هل جميع الألفاظ (غير المحلَّاة بأل ) إذا أُضِيفت إلى ضميرٍ، اكتسبت التَّعريف، وصارت معرَّفةً بالإضافة؟

شخصيًّا، لا أرى ذلك، ودعونا ننظر إلى تلك الأمثلة:
– اللَّهمَّ لا إله غيرك.
– “إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ۖ “.

في المثال الأوَّل، لا شكَّ أنَّ إعراب كلمة (غيرك ) خبر (لا ) النَّافية للجنس مرفوع، وفي الثَّانية، إعراب كلمة (أمثالكم ) نعت مرفوع. فكيف أعربنا الأولى خبرًا لـ (لا ) النَّافية للجنس، إذا كانت معرَّفةً بالإضافة، واسم (لا ) النَّافية للجنس وخبرها لا يكونان إلا نكرةً؟!!

وكيف أعربنا الثَّانية نعتًا، إذا كانت معرَّفةً بالإضافة كما نتوهَّم، رغم أنَّ المنعوت قبلها نكرةً؟!!

لا أعرف ما إذا كان هناك (تأويلٌ ) كالعادة للهروب من هذه الإشكاليَّة في المثالَين الواردَين، وخصوصًا في الآية، أم لا، ولكن كما قلتُ، فإنَّني لا أرى حاجةً لأيِّ تأويلٍ هنا، وأنَّ حلَّ هذه الإشكاليَّة سهلٌ يسيرٌ، وهو أنَّ هذه الألفاظ، وأقصد بها (وحده ) و (غير ) و (أمثال ) لا تكتسب أيَّ إضافةٍ هنا من الضَّمائر المتَّصلة بها، وبذلك:
– جاء محمَّدٌ وحده: (وحده ) وقعت حالا، ولا غرابة في ذلك؛ فهي نكرة، وإن أُضِيفت.
– اللَّهمَّ لا إله غيرك: لا مشكلة في كون (غيرك ) خبرًا لـ (لا ) النَّافية للجنس؛ فهي نكرة، ولم تُعَرَّف بإضافتها إلى الضَّمير.
– “إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ۖ “. النَّعت (أمثالكم ) طابق المنعوت في الجملة في التَّنكير، رغم ما يبدو ظاهريًّا من تعريفه بالإضافة.

هذا رأيٌ شخصيٌّ، أتمنَّى أن تضيفوا عليه: تعديلا، أو نقدًا، أو حتَّى نفيًّا (عقليًّا ) بالأدلَّة.

كذلك، ممَّا يتعلَّق بهذه المسألة، المثال التَّالي:
– جاء الجنديُّ مرفوع الرَّأس.
– جاء جنديٌّ مرفوع الرَّأس.
في المثال الأوَّل: يمكن إعراب (مرفوع ) نعتًا، ويمكن إعرابها حالا، سواءً بسواء، إلا إذا قطع المعنى المقصود بأحد الوجهَين (هذا إذا وردت في سياقٍ محدَّد ):
– نعت إذا قصدتَ (بالعامِّيَّة ): الجنديّ اللي راسه مرفوعة رجع!!
– وحال: إذا قصدت (بالعامِّيَّة أيضًا ): الجنديّ رجع وهو راسه مرفوعة!!

فإذا صحَّت وجهة نظري في جواز إعرابها نعتًا وحالا، فكيف سنبرِّر الإعراب حالا، وهي معرَّفة بالإضافة؟؟

وأمَّا في الجملة الثَّانية، فرغم أنَّ!ني متأكِّد أنَّ الإجماع هنا سينعقد على كون (مرفوع ) نعتًا فقط؛ باعتبار ما قبلها نكرةً، فإنَّني أؤكِّد صواب الوجهَين أيضًا!!

ورغم أنَّ يقيني الكامل أنَّه لا مسلَّمات أو قواعد ثابتة غالبًا في النَّحو، فإنَّني أرى أنَّ باب التَّعريف والتَّنكير من الأبواب التي تحتاج إلى إعادة نظرٍ.

أفيدوني بوجهة نظركم رجاءً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top