مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

المنسِّق العامُّ للمبادرة أ/ يسري سلال

إعراب الاسم بعد اسم التَّفضيل

لعلَّ إعراب ما بعد اسم التفضيل من الأمور التي شغلت الملايين من دارسي النَّحو وحيَّرتهم؛ فرغم أنَّ ما بعد اسم التفضيل يكون غالبًا تمييزًا أو مضافًا إليه، إلا أنَّ الجميع يتساءلون: متى يُعرَب ما بعد اسم التفضيل تمييزًا؟ ومتى يُعرَب مضافًا إليه؟ وما السَّبيل لفكَِّ الاشتباك بين الإعرابين؟

وفي الحقيقة، فإنَّه من الصُّعوبة بمكان صياغة قواعد حاسمة ومطلقة في النَّحو العربيِّ، وإنَّما أغلب قواعد النَّحو نسبيَّة وليست مطلقةً، ومع ذلك سنحاول وضع قاعدةٍ تحكم هذا الأمر .. قاعدة لن تكون مطلقةً بنسبة مائة بالمائة، ولكنَّها – على أيِّ حالٍ – ستساهم – كما نظنُّ – في إزالة هذا الاشتباك بقدرٍ كبيرٍ:

مبدئيًّا فإنَّنا سنضع لما بعد اسم التَّفضيل الاحتمالات الثلاثة التالية:
1 – تمييز.
2 – مضاف إليه.
3 – مضاف إليه .. ثمَّ تمييز (معًا، وبنفس هذا التَّرتيب ) .

1 – فأمَّا بالنِّسبة للتَّمييز:

فقرينته اللفظيَّة الوحيدة التي لا تقبل الشَّكَّ هي التنوين؛ فلو كان الاسم بعد اسم التَّفضيل منوَّنًا بالفتح، فهو تمييزٌ بلا شكٍّ:
– “أنا أكثر منك مالا ” .

2 – وأمَّا بالنِّسبة للمضاف إليه، فله ثلاث قرائن لفظيَّة:

الأولى والثَّانية مطلقتان، ولا تقبلان الشَّكَّ، والثَّالثة نسبيَّة، وهي وجود حرف جرٍّ قبل اسم التَّفضيل:
القرينة الأولى:

تعريف ما بعد اسم التَّفضيل:
لو ورد ما بعد اسم التفضيل معرَّفًا، فهو – بلا شكٍّ – مضاف إليه؛ لأنَّ التَّمييز لا يكون إلا نكرةً:
– محمَّد أفضل الطلاب.

القرينة الثَّانية:

ورود ما بعد اسم التَّفضيل غير منوَّنٍ، رغم عدم وجود مانعٍ لتنوينه: فإذا لم يكن الاسم بعد اسم التَّفضيل، ممنوعًا من الصرف، أو منتهيًا بالتاء المربوطة أو الهمزة أو الألف المقصورة أو الألف والهمزة (وهي الموانع التي تمنع اتَّصال ألف التنوين بالاسم ) ، وورد رغم ذلك بلا تنوينٍ؛ فهذه قرينة لفظيَّةٌ حاسمةٌ، ولا تقبل الشَّكَّ كذلك، على كونه مضافًا إليه:
– الكريم أعظم رجل. (لا يوجد أيُّ مانعٍ لتنوين كلمة [رجل ] ؛ فلو كانت تمييزًا لنُوِّنت؛ وبذا فهي مضاف إليه ) .

القرينة الثَّالثة:

وقوع حرف جرٍّ قبل اسم التَّفضيل: وهي قرينةٌ لفظيَّةٌ على إعراب ما بعد اسم التَّفضيل مضافًا إليه، ولكنَّها قرينة مساعدة، وهي قرينةٌ نسبيَّةٌ، وغير مطلقةٍ؛ إذ يُعرَب ما بعد اسم التَّفضيل المسبوق بحرف جرٍّ (غالبًا ) مضافًا إليه، وليس دائمًا:
– أسكن في أجمل مدينة.
ويبدو لي – والله أعلم – أنَّه لا يشذُّ عن هذه القاعدة، ويخرجها من المطلق إلى النِّسبيِّ، إلا كون حرف الجرِّ قبل اسم التَّفضيل هو حرف الجرِّ الزَّائد (الباء ) في مثل قولنا: ليس المجتهد بأفضل خلقًا.

3 – في الكثير من المواضع يقع الاثنان بعد اسم التَّفضيل: المضاف إليه، والتَّمييز:
– محمَّد أفضل الطلاب خلقًا.

هذه هي القرائن اللفظيَّة التي تسهِّل إعراب ما بعد اسم التَّفضيل، والحكم بكونه تمييزًا أو مضافًا إليه، ولكنَّ المشكلة الحقيقيَّة هي في عدم وجود قرينةٍ لفظيَة من القرائن الأربعة: التنوين، تعريف ما بعده، وقوع حرف الجرِّ قبله؛ عدم وجود مانعٍ من التنوين، وروده رغم ذلك غير منوَّنٍ، فهنا يحدث اللبس، ويصعب الحكم:

وقبل أن نستطرد، فلا بدَّ أن نعرف أنَّ المشكلة الحقيقيَّة في إعراب ما بعد اسم التَّفضيل تتعلَّق بالأسماء التي لا تقبل ألف التنوين، وتشمل:
1 – الاسم الممنوع من الصَّرف (موادّ ) .
2 – الاسم المنتهي بالتَّاء المربوطة (شجرة ) .
3 – الاسم المنتهي بالألف المقصورة (كبرى ) .
4 – الاسم المنتهي بالألف المهموزة (مبدأ ) .
5 – الاسم المنتهي بالألف والهمزة (بناء ) .

فإذا وقع أيٌّ ممَّا سبق بعد اسم التفضيل فسيصعب إعرابه إلا للمتخصِّصين، وفي هذه الحالة نلجأ للطَّريقة التي يعتمدها الكثيرون، رغم أنَها نسبيَّةً أيضًا، وغير مطلقةٍ، وهي مقارنة المفضَّل والمفضَّل عليه:
أ – فإذا كانا من نفس الجنس؛ أُعرِب ما بعد اسم التَّفضيل مضافًا إليه:
– فاطمة أفضل طالبة. ([فاطمة ] و [طالبة ] يدلان على مؤنَّثٍ عاقلٍ ) .
ب – وإذا كان الجنس مختلفًا؛ أُعرِب ما بعد اسم التَّفضيل تمييزًا:
– مصر أعظم مكانة. ([مصر ] بلد، و [مكانة ] تدلُّ على شيءٍ معنويٍّ ) .

وعلى ذلك:
1 – مصر أعظم مكان . (مضاف إليه ) .
– مصر أعظم مكانة. (تمييز ) .
2 – الاستغفار أفضل دعاء. (مضاف إليه ) .
– المسلم أفضل دعاء (تمييز ) .

ملاحظة مهمَّة جدًّا جدًّا:
لا تقارن بين المفضَّل والمفضَّل عليه بالطَّريقة السَّابقة، إلا بعد التَّأكُّد من عدم وجود قرينةٍ لفظيَّةٍ من القرائن السَّابق ذكرها:
– ففي جملة: مصر في أعظم مكانة، ورغم أنَّ كلمة (مصر ) وكلمة (مكانة ) مختلفتا الجنس، إلا أنَّ كلمة (مكان ) إعرابها: مضاف إليه، لا تمييز، وذلك لوجود قرينةٍ لفظيَّةٍ، هي حرف الجرِّ قبل اسم التَّفضيل؛ وبذلك فإنَّك لو قلت: مصر أعظم مكانة، تكون كلمة (مكانة ) تمييزًا؛ لاختلاف الجنس، أمَّا إذا قلت: مصر في أعظم مكانة، تكون كلمة (مكانة ) مضافًا إليه؛ لوجود القرينة اللفظيَّة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top