مُبَادَرة

نَحْوَ نَحْوٍ ممتعٍ

وخالٍ من الأخطاء

المنسِّق العامُّ للمبادرة أ/ يسري سلال

استدراك أخير .. بخصوص (الاستهبال ) في تقدير درجة التَّعبير!!

منذ يومَين، نشرتُ – كما تعلمون – مقالا، عن تحطُّم آمال آلاف الطُّلَّاب والأسر، بسبب الظُّلم في تقدير درجة اللُّغة العربية، وتحديدًا التَّعبير.

وجاءت أكثر من 95% من التَّعليقات مؤيِّدةً لوجهة نظري، ورأت ما رأيت:
– السَّبب الأوَّل في ضياع أحلام هؤلاء الطُّلَّاب هو درجة اللُّغة العربيَّة.
– أغلب مصحِّحِي التَّعبير يقدِّرون الدَّرجة عشوائيًّا تمامًا، ودون قراءة حرفٍ واحدٍ من الموضوع.
– المعيار الوحيد في تقدير درجة التَّعبير لدى معظم مصحِّحِي هذا السُّؤال، هو شكل الموضوع، ومدى جمال خطِّ كاتبه، وهو ما يعرِّض غالبيَّة الطُّلَّاب المتفوِّقِين لظلمٍ فادحٍ؛ إذ ذنبهم الوحيد أنَّ خطَّهم ليس جميلا ومنمَّقًا.
– يجب معاملة التَّعبير كفرعٍ مستقلٍّ، ووضع معايير موضوعيَّةٍ حاسمةٍ لتقدير الدَّرجة.

تمام ..

المشكلة جاءت في أقلِّ من 5% من التَّعليقات التي اعترضت على ما طرحناه.

وليست المشكلة في الخلاف في الرَّأي، وليس مطلوبًا من هؤلاء الأخوة أن يوافقونا الرَّأي على طول الخطِّ، وإنَّما ينبغي أن يكون لهم رأيهم الحرُّ المستقلُّ، الذي يجب أن يحظى بكلِّ الاحترام في جميع الأحوال.

وإنَّما المشكلة الحقيقيَّة هي ما طرحه هؤلاء الأخوة من مبرِّراتٍ، بدت لي كارثيَّة:

التَّبرير الأوَّل:
يكفي ما يتعرَّض له المعلِّم من ظلمٍ في هذا المجتمع، فلا تكونوا سببًا إضافيًّا في ظلم هؤلاء المعلِّمِين!!

وردِّي:
أقرُّ وأعترف، أنَّ المعلِّم في وطني، كما في كلِّ البلاد المتخلِّفة، يعاني من القهر والغُبن وعدم التَّقدير، ولكن، متى كان تعرُّضك للظُّلم مبرِّرًا لأن تظلم غيرك؟!!

انظروا إلى عظمة القرآن الكريم الذي أعلنها عاليةً مدوِّيةً: “ولا يجرمنَّكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتَّقوى “.

إذا تعرَّضتَ للسَّرقة فهذا لا يبيح لك أن تسرق، وإذا تعرَّض أحد أقاربك للقتل فهذا لا يبرِّر لك قتل غيرك (ولو كان القاتل نفسه )، ولو ظلمتك الدَّولة، وعاملتك باحتقارٍ كما تفعل الآن، فهذا لا يمكن أن يكون غطاءًا ومبرِّرًا لظلم الطَّالب وتحطيم مستقبله.

التَّبرير الثَّاني:
راعوا ما يتعرَّض له المعلِّم من ضغوطٍ، والجوّ غير الصِّحِّيِّ الذي يعمل فيه، والمقابل المادِّيَّ الحقير الذي يتقاضاه، واللِّجان غير الآدميَّة التي يؤدِّي فيها أعمال التَّصحيح!!

وردِّي:
وما ذنب الطَّالب المسكين، وأسرته مهيضة الجناح، في كلِّ ذلك؟!!

ما جنايته، وقد أدَّى عمله على غير وجه، واجتهد لعامٍ كاملٍ، واستحقَّ دخول الطِّبِّ عن جدارةٍ، ثمَّ تبخَّرت أحلامه وأحلام أسرته بسببك؟؟

لقد ارتضيت لنفسك أن تعمل معلِّمًا، وأن تتقاضى هذا الأجر الحقير، وقبلت أن تُوظَّف لدى وزارةٍ تحتقرك، ووزيرٍ يهينك. هذا قرارك، ولا ذنب للطَّالب فيه؛ فإمَّا أن تؤدِّي عملك كما ينبغي، ولا تكون سببًا في إلحاق الأذى بالطُّلَّاب، وإمَّا أن تدع عملك لغيرك، إذا كان لا يحقِّق طموحك.

التَّبرير الثَّالث:
ألا يرضيكم إلا حصول كافَّة الطُّلَّاب على الدَّرجة النِّهائيَّة لترتاحوا؟!! ولا يوجد طالب واحد على مستوى الجمهوريَّة يستحقُّ الحصول على الدَّرجة النِّهائيَّة في التَّعبير!!

وردِّي:
لماذا تعدُّون المطالبة بالعدل في التَّصحيح تعني أنَّنا نطالب بحصول جميع الطُّلَّاب على الدَّرجة النِّهائيَّة؟!! لا نطالب إلا بالعدل في التَّصحيح، ووضع درجةٍ موضوعيَّةٍ للتَّعبير، بعد قراءته حرفًا حرفًا، وعدم وضع درجاتٍ وعلاماتٍ عشوائيَّة.

لا نطالب أبدًا بحصول الجميع على الدَّرجات النِّهائيَّة.

أمَّا القول بعدم وجود طالبٍ واحدٍ يستحقُّ الحصول على الدَّرجة النِّهائيَّة في التَّعبير، فهي فريةٌ ليس إلا؛ بل مئات الطُّلَّاب في كلِّ محافظةٍ يستحقُّون الحصول على الدَّرجة النِّهائيَّة في التَّعبير، وقولكم هذا مجرَّد أسطورةٍ كاذبةٍ.

والأجدى السُّؤال: هل جميع (مصحِّحِي التَّعبير ) قادرون على كتابة موضوعٍ متكاملٍ وخالٍ من الأخطاء النَّحويَّة والإملائيَّة؟!! إنَّ فاقد الشَّيء لا يمكن أن يعطيه.

التَّبرير الأخير (والأسوأ على الإطلاق ):
نحن نمنح غالبيَّة الطُّلَّاب أكثر ممَّا يستحقُّون في التَّعبير، ومقابل كلِّ 100 طالب ينالون أقلَّ ممَّا يستحقُّون، يوجد 1000 طالب ينالون أكثر ممَّا يستحقُّون!!!!

وردِّي:
عذرٌ أقبح من الذَّنب!!

وإذا كنتَ ستُعذَّب يوم القيامة على كلِّ طالبٍ أهدرتَ حقَّه وحرمته بلا وجه حقٍّ من درجةٍ (بل درجات )، فإنَّك بالتَّأكيد ستُعَذَّب أكثر على كلِّ طالبٍ منحته أكثر ممَّا يستحقُّ!!

كيف يفكِّر هؤلاء النَّاس؟ وهل هم بشرٌ مثلنا؟!!

إذا تعلَّق الطَّالب المظلوم برقبتك يوم القيامة، هل تقول له: سامحني؛ فقد أعطيتُ حقَّك لغيرك؟!!

في الحالتَين أنتَ مفرِّط ومقصِّر ومذنب وجانٍ!! كلُّ طالبٍ سلبته عدَّة درجاتٍ؛ لمجرَّد أنَّك لم تقرأ حرفًا ممَّا كتب، سيظلُّ لعنةً تطاردك حتَّى تموت، وكلُّ طالبٍ جاملتَه؛ أيضًا لأنَّك منحته درجةً عشوائيَّةً دون أن تقرأ موضوعه؛ فزدته عن حقِّه؛ لمجرَّد أنَّ خطَّه منمَّق، رغم أنَّه لم يكتب حرفًا يستحقُّ، هو لعنةٌ ستطاردك حيًّا وميِّتًا؛ لأنَّك من حيث لا تدري، ظلمتَ طالبًا آخر، كان يستحقُّ أن يزيد هذا الطَّالب.

يا كلَّ معلِّمِي اللُّغة العربيَّة .. وكلَّ مصحِّحِي التَّعبير:
اتَّقوا يومًا تُرجَعون فيه إلى الله؛ فكلُّ نفسٍ ستُوَفَّى ما عملت، والظُّلم ظلمات، وإذا ظلمتَ اليوم كـ (معلِّم )، فلن تعدم غدًا مَن يظلمك كـ (أب )، فيهدر حقَّ أبنائك.

أخيرًا ….
سُئلتُ: وما الحلُّ؟ ومن أين نبدأ؟

وردِّي على الشِّقِّ الأوَّل من السُّؤال:
1 – لا حلَّ إلا وضع معايير موضوعية لتصحيح التَّعبير، يلتزم بها المعلِّم، ويُحاسَب كلُّ مَن يخالفها.
2 – إتاحة الفرصة لجميع الطُّلَّاب للتَّظلُّم من درجة التَّعبير، وإعادة تصحيحه، بواسطة مصحِّحٍ آخر؛ لينال كلُّ ذي حقٍّ حقَّه، ولتذهب إلى الجحيم تلك العبارة البلهاء المستبدَّة البائسة: تقدير المصحِّح ووجهة نظره!!!!

أمَّا الشِّقُّ الثَّاني من السُّؤال (من أين نبدأ؟ )، فالبدء من امتناع كلِّ معلِّمٍ شريفٍ عن تصحيح سؤال التَّعبير، حتَّى يُعَاد النَّظر في طريقة تصحيحه وتقدير درجته؛ حتَّى لا نحمل وزر أحدٍ.

تكفينا أوزارنا!!

ملاحظة:
أقسَمَ لي صديقٌ ثقة، أنَّه يعرف مصحِّحًا للتَّعبير، كان يضع درجة الطَّالب على المراية في صدر ورقة الإجابة أوَّلا، ثمَّ يدخل ليبحث عن التَّعبير!!!!!! هههههههه
شرُّ البليَّة ما يضحك!!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top